عزة رجب سمهود ـ سمراااء بنت الخيال
و تذرُ كُحــل عينيــــــها قصــائــدا
متى يأتي موسم الفرح، ويعيد المعدن المليء بالصراخ إلى صناديق صمته القاتلة، تُرجئه لرحلة انتظار لامحدود، يجعله يسبتُ بين جدران الخشب، ومفاتيح الحديد، فينام نومة أهل الكهف حتى يأذن الله للزغاريد أن تنطلق من سجون صدورنا المكتظة بالوجع، المترعة بماء الاشتياق،...
في مدينة الحلم تهدلُ عناقيد فرح أسطورية، وأطياف النور السماوي تسبح في فضاء الزيتونة المُعلقة في المجرة الوحيدة، النورُ فيضٌ من أقباس السكون، والقناديل تُسرج قرص الشمس لفضاءات بعيدة المدى، الجنةُ أرضٌ خصيبة، كمدينةٍ يحبها الله، خارطتها روحٌ من الطيبة،...
وحيداً تفتحُ أزرار قميصك للريح، تترك يمامتك البيضاء تهدل بصوتها على شرفة اغترابك، تفتح كفيك سخاء لقمح الحب، لعل العالم يسمو كما يشتهي جناحها المسالم، تترجم كسادنا الأخلاقي في سجنك الانفرادي، تكتبُ مأساتنا الخالدة في دفاتر صمتك المهيب، وكأن رحم الكلمات...
يهبني الضوء فرصة لأن أذوب في غياب الظلمة، أشعلً أصابعي من عود صبرٍ يتَّقدً، جراء غيابٍ، ويشتعلُ جراء حنين، و يخبو جراء خيبة أملٍ، أجعلُ مني أمام هالة الضوء كتلة انتظار مهيب، تتوهج كلما قتلها سهمٌ من نبال الظلمة. في توحد الشمعة أمام ظلي الكبير على الحائط،...
كل الحب لحانةٍ تنجبُ بطلاً في الحرب، أو فناناً يرسم بريشته أوجاع بلاده، أو موسيقار يعزف ألحان الألم على سلم صول، فيترجم سيفمونية إبداعه طرباً، أو مخترعاً لمصباح أضاء بنوره العالم. الحانات تاريخ مجاهد في سيرة الشعوب الذاتية، إنها تبعث من رحم الفقر نوراً...
للذاكرة وشمٌ على جداريات العقل، إنها تسلب لبِّ الإناء من محتواه، كلما شعرتْ أنَّها محاصرة بالوجوه، وبدأتْ تكتظ في ازدحام الملامح، أفلتتْ من عقالها زمام الزمن، فتسرب كالماء من إناء الفكر، وبدأ العقل في خرف الخيال، يصَّاعد جبال الشهوة للصبا، ماضيا في كتابةٍ...
سأغزلُ بالدمع حباتٍ لؤلؤيةٍ، تنظم من عقد القصائد أهازيج فرحٍ ليبية، أنا الواقفة على بيت القصيد... متجردة مني ـ لا من الشعر ـ صاعدة الروح فوق مؤتلق العذوبة، وماء النثر ـ متى بلغتُ ذروة المدى أعدتُ تصفيف الكلم في زخات الحلم، ورفعتُ رفَّات الهواء نحو نجوم...
أنا لا أتكئ على تاريخي لأنسج ظلاً وصورةً جميلةً تتكلمُني، أنا أنحتُ في ديمومة اللحظة، وأغرز أسنان قلمي في جلد الزمن، لأنبش بأظافر حرفي معاقل الألم في بلادي، أمسك بزمام مشهدٍ هاربٍ من العتمة، أو تاريخ فرَّ من فزع الصيرورة، أو وجه ضاع من شتات الحرب، أطارد...
وحدي أسكنُ بئر الغرابة، أتكلمُ في صمتٍ تتحدثه عيون الأسئلة على شفتي، ثم أشقُّ جراب الوقت بالفضول، وأخيطهُ بوقائع يئن لها القلب، لكنها تضعني على أسنة رماح الوجد، ليُلقيني يقيني في عترة الطهر، فأنا لم أزيف يوماً شخصي بين أن أكون أو لا أكون، مليكة روحي،...